تعددت أنواع الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الأفراد والمؤسسات، ومع تنامي القدرات التقنية للمهاجمين، ظهرت أنواع جديدة من الهجمات التي تحظى باهتمام كبير لدى المخترقين. أحد هذه الأنواع هو هجوم الدوكسينغ (Doxing)، الذي شهد انتشارًا واسعًا في الآونة الأخيرة. قد يبدو هذا الهجوم للوهلة الأولى غير مؤذٍ، ولكنه في الواقع يمكن أن يتحول إلى تهديد أمني حقيقي، حيث يؤثر بشكل خطير على خصوصية الأفراد المستهدفين وقد يصل الأمر إلى تعريضهم لمشاكل قانونية وأضرار مادية.
ما هو الدوكسينغ (Doxing)؟
الدوكسينغ هو عملية تهدف إلى الكشف عن معلومات شخصية وحساسة لشخص معين، مثل عنوانه الشخصي أو مكان عمله أو معلوماته المالية، ونشرها على الإنترنت دون إذنه. يسعى المخترقون من خلال هذا الهجوم إلى إلحاق الضرر بالضحية، وقد يصل هذا الضرر إلى إحداث مشاكل في الحياة اليومية أو حتى استهداف الضحية بهجمات أخرى، سواء إلكترونية أو على أرض الواقع.
إن الدوكسينغ (Doxing) هو عملية كشف المعلومات الشخصية للمستخدم علنًا دون الحصول على إذن منه. قد يبدو لك أن هذا الفعل ليس خطيرًا، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا.
الهدف من الدوكسينغ هو نشر معلومات حساسة مثل عنوان البريد الإلكتروني، تاريخ الميلاد، أو رقم الهوية الشخصية. كما قد تشمل البيانات المسروقة معلومات مالية، مكان الإقامة، أو حتى الصور الشخصية.
يمكن للمهاجمين استخدام تقنيات متعددة لسرقة ومشاركة هذه المعلومات. من بين هذه التقنيات: اختراق الأجهزة، الهندسة الاجتماعية مثل التصيد الاحتيالي، استغلال الشبكات الاجتماعية، أو البحث في قواعد البيانات العامة لربط المعلومات المجمعة مع البيانات التي تم الحصول عليها عن الشخص المستهدف.
وعندما نتحدث عن تسريب المعلومات علنًا، لا نعني بذلك فقط نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، بل قد يتم أيضًا تسريب هذه البيانات إلى الويب المظلم واستخدامها في أنشطة إجرامية.
كيف يعمل هجوم الدوكسينغ؟
يقوم المخترقون بجمع المعلومات المتاحة علنًا عن الضحية من خلال عدة مصادر مثل وسائل التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث، وسجلات المواقع الحكومية، وحتى من خلال عمليات سرقة بيانات من قواعد بيانات غير مؤمنة. بعد تجميع هذه البيانات، قد يستخدمونها للابتزاز أو التشهير أو التهديد، مما يعرض حياة الضحية الشخصية والمهنية للخطر.
خطورة هجمات الدوكسينغ
الهجمات عبر الدوكسينغ تتسبب في مشاكل جمة للضحايا؛ فالتسريب العلني للمعلومات الشخصية قد يؤدي إلى تعرض الضحية لمضايقات أو تهديدات، بل وقد تصل إلى مشاكل قانونية إذا استغلت هذه البيانات في عمليات احتيال أو سرقات مالية. كما أن هذه الهجمات تضر بسمعة الضحية وتترك آثارًا نفسية ومهنية طويلة الأمد.
كيف يمكن أن يؤثر علينا هجوم الدوكسينغ؟
يمكن أن يتسبب تسريب المعلومات الشخصية الحساسة، مثل الرسائل الخاصة، في حدوث مشاكل كبيرة في حياتنا المهنية والشخصية. كما أن نشر الصور الخاصة لا يقتصر تأثيره على العلاقات الشخصية والعملية فحسب، بل يمكن أن يلحق ضررًا بالغًا بالسمعة. للأسف، فقد عانى العديد من الأشخاص من تسريب صور ذات طابع خاص وحميم، مما دفعهم إلى تجاوزات خطيرة مثل محاولات الانتحار.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي تسريب بيانات مثل الاسم أو وثائق الهوية إلى مشاكل قانونية خطيرة. قد يستخدم المهاجمون هذه المعلومات لارتكاب عمليات احتيال، مثل انتحال شخصيتك للتقدم بطلبات قروض أو ارتكاب جرائم أخرى. هذا الأمر قد يسبب صدمة كبيرة ويؤدي إلى مشكلات صحية عقلية، حيث يمكن أن تشعر بالعجز أمام تعرضك للاعتقال بسبب جريمة لم ترتكبها، مع العلم أن شخصًا آخر قد انتحل شخصيتك.
من جانب آخر، فإن تسريب بيانات مثل البريد الإلكتروني أو رقم الهاتف يمكن أن يجعلك هدفًا سهلًا للمحتالين. ورغم أن هذه المشكلة قد تبدو أقل تأثيرًا مقارنةً بمشاكل أخرى، إلا أنها تفتح المجال لعدد من الأضرار، مثل تعرضك لمحاولات احتيال. في هذه الحالات، من الأفضل دائمًا التحقق مباشرة من البنك أو المؤسسة المعنية التي تدعي أنها أرسلت الرسالة. وأهم شيء هو تجنب النقر على الروابط المشبوهة أو المختصرة التي قد تصلك.
زيادة محاولات سرقة البيانات في السنوات الأخيرة
أصبحنا نشهد مؤخرًا ارتفاعًا ملحوظًا في محاولات سرقة البيانات والاحتيال الإلكتروني، حيث يستهدف المهاجمون معلومات الاعتماد الخاصة بالمستخدمين للوصول إلى حساباتهم البنكية أو حساباتهم على المنصات الإلكترونية. على سبيل المثال، قد تتلقى رسالة نصية أو بريدًا إلكترونيًا منتحلًا لشخصية بنك معين، يطلب منك تأكيد معلومات حسابك عبر رابط مريب. هذا الأسلوب يعرف باسم التصيد الاحتيالي، وهو إحدى التقنيات المستخدمة في سرقة البيانات من الضحايا، ويشبه إلى حد كبير أسلوب الدوكسينغ من حيث استغلال المعلومات الشخصية لتحقيق غايات ضارة.
ماذا أفعل إذا كنت ضحية للتشهير (Doxing)؟
إذا كنت ضحية للتشهير (Doxing)، من المهم أن تتصرف بسرعة لحماية نفسك ولإيقاف انتشار معلوماتك الشخصية. إليك الخطوات التي يجب أن تتبعها إذا كنت تشك في أنك ضحية لهذا الهجوم:
1. جمع الأدلة: قم بتوثيق جميع الأدلة الممكنة، مثل لقطات الشاشة، وذلك في حال احتجت إليها عند الإبلاغ للشرطة. من الأفضل دائمًا إبلاغ المنصات التي تم نشر بياناتك عليها، وكذلك إبلاغ الشرطة إذا كانت المعلومات المنشورة حساسة أو إذا تلقيت تهديدات. تأكد من التقاط لقطات شاشة لجميع الأدلة لتكون قادرًا على تقديم معلومات كاملة عند الحاجة.
2. قفل حساباتك: قم بتغيير كلمات مرور حساباتك إلى كلمات قوية وفريدة من نوعها، واحرص على تخزينها في برنامج إدارة كلمات مرور موثوق. تفعيل المصادقة الثنائية (2FA) يعزز الأمان ويقلل من خطر الوصول غير المصرح به إلى حساباتك. كما يجب تعزيز إعدادات الخصوصية في جميع حساباتك عبر الإنترنت لضمان حماية أكبر.
3. اطلب الدعم من الأصدقاء أو العائلة: الهجوم عبر الدوكسينغ يمكن أن يكون له تأثير عاطفي كبير. اطلب المساعدة من شخص موثوق، سواء كان صديقًا أو أحد أفراد العائلة، لتخفيف العبء النفسي ولمساعدتك في التعامل مع الموقف.
4. تغيير رقم الهاتف أو المعلومات الشخصية: بناءً على طبيعة المعلومات التي تم تسريبها، قد تحتاج إلى تغيير رقم هاتفك أو أسماء المستخدمين أو أي تفاصيل تعريفية أخرى لحماية نفسك من المزيد من الهجمات.
باتباع هذه الخطوات، يمكنك تقليل الأضرار الناجمة عن الهجوم وحماية خصوصيتك في المستقبل.
كيفية حماية نفسك من هجمات الدوكسينغ
للوقاية من هذا النوع من الهجمات، من الضروري اتباع ممارسات أمان إلكتروني جيدة:
1. حماية المعلومات الشخصية: تجنب مشاركة تفاصيلك الشخصية علنًا على وسائل التواصل الاجتماعي.
2. استخدام كلمات مرور قوية: وتجنب استخدام نفس كلمة المرور عبر عدة حسابات.
3. تفعيل المصادقة الثنائية: على حساباتك الحساسة لزيادة مستوى الأمان.
4. التحقق من الروابط والرسائل: عند تلقي أي رسالة تطلب منك إدخال بياناتك، تحقق من مصدر الرسالة وتجنب الضغط على الروابط غير الموثوقة.
باختصار، يعد الدوكسينغ نوعًا خطيرًا من الهجمات الإلكترونية التي تستهدف خصوصية الأفراد وسلامتهم الشخصية. ومع تزايد استخدام الإنترنت وتوفر المعلومات الشخصية بسهولة، تزداد الحاجة إلى توخي الحذر واتخاذ خطوات فعلية لحماية البيانات الشخصية من الاستغلال.